فهد توفيق الهندال
عادت فكرة تفكيك وزارة الإعلام ثانية إلى طاولة البحث الحكومي كخلاص سياسي من الصداع والصراع اللذين تتسبب بهما الحقيبة على مدار الأعوام العشر الأخيرة، برغم أن فكرة التفكيك بزغت في عهد الدكتور أنس الرشيد وزير الإعلام الأسبق وقد حملت مشروعاً وطنياً تفاءل به أبناء الإعلام الكويتي من مهنيين وواعين بدوره المهم في تشكيل الخطاب العام للدولة والمجتمع وفق رؤية إعلامية خالصة، وليس حاجة سياسية مخلّصة!
إلا أن التفاؤل سرعان ما تضاءل بعدما اصطدم بوجهة نظر البعض المختلفة مع مشروع التطوير والتنمية في الحقل الإعلامي الرسمي. لا شك أن مؤسسات الإعلام الرسمية هي مملوكة وتابعة لوجهة نظر الحكومة، ولا يمكن التأثير عليها إلا من قبلها فقط، إلا أننا في عصر بدأت فيها المفاهيم التقليدية السائدة بالانحسار والتوجه لمزيد من الانفتاح من الشفافية في الخطاب الإعلامي وفق حرية مسوؤلية في استقصاء المعلومة الدقيقة، وتبادلها، وصناعة خبرها بمهنية عالية شديدة التعقيد، خالية من الإثارة الداعية لانقسامات خطيرة في المجتمع. بذلك، تتحقق المصداقية والثقة بين المجتمع و مؤسساته الإعلامية الرسمية أكثر من غيرها. لنتساءل... أليس من الأجدى أن تناقش قضايا الوطن الساخنة من على منبر المؤسسات الرسمية أفضل من أن ننجرف مع أخرى لها مصالحها ورؤيتها واستراتيجيتها الخاصة بها؟
هذا ما كان يثير استغرابي كثيراً من تحاشي الاعلام الرسمي لتلك القضايا التي تضع الوطن على صفيح ساخن وكأن الأمر لا يعنيها مكتفية بقضايا هامشية، أو أخرى خارج نطاق اهتمام المجتمع، وهنا يبرز دور الخطاب الإعلامي الواعي اليوم دون أن نعني لغة التلقين و التضليل والتشفير التي تمارس في الأنظمة الشمولية ذات العين الواحدة!
لهذا، كان من المفروض أن يكون تفكيك وزارة الإعلام أولى خطوات التنمية الجادة لكويت 2035، من أجل خطاب توعوي ورؤية إعلامية بأهمية فرص التنمية ومشاريعها لصالح المجتمع ورخاء مستقبله، قد يكون الثمن باهظاً، إلا أنه مطلوب وفرض واقع إذا ما أردنا اقناع المتلقي بجدية ذلك كله.
أشير أخيراً إلى خطوة عالمية عملاقة قفزتها دولة قطر الشقيقة في نجاحها باستضافة مونديال كأس العالم 2022، والذي لم يأت إلا بعد جهود وخطط ورؤى جبارة تنافس أعرق الحكومات وأكثرها خبرة في استضافة مثل هذه التجمعات العالمية، ولعل أولى هذه الجهود تطوير الإعلام وخطابه كمنافس خطير وأساسي، بعد تفكيك وإلغاء وزارة الإعلام في العهد الجديد.
فاصلة أخيرة...
نبارك للكويت فوز منتخبها الوطني بكأس الخليج العشرين، وقد رأينا الصفاء والاصطفاف الحكومي النيابي في التهاني المشتركة والاستقبال الموحد للأبطال، آملاً أن تكون بادرة خير لعمل مشترك جاد وواع بوقف كل السجالات والصراعات التي تضيع وقت الوطن والمجتمع وقضاياه بسبب خلافات شخصية، ما يساهم بتأخر تحقيق الطموح والأمل والمستقبل. والعاقبة لمن يعقل ويتدبر.