وفي هذا الإطار يمكن ملاحظة حب الطفل للأصوات وتقسيمهم إياها على إيقاعات زمنية وأوزان ليكتشفوا الكلام والدراما المعادلة لتفاصيل حيواتهم اليومية ويمكن طبعا هنا أن نجذب الطفل لأصوات وحركات بديلة تؤمِّن سلامتهم ولكنها لا تمنعهم من ممارسة الحركات والأصوات التي عادة ما يثيرونها.. كما يمكننا أن نجيب إجابات غير ذات معنى أو قيمة محددة على أنه يجب إدارة حوار مع الأطفال فالهدف هنا هو تمرينات أداء الشكل الحواري بما يخلق علاقات متينة ويفتح قنوات بين الطفل والآخر ويمنحه مهارة إدارة الحوار أو العلاقة مع محيطه...
وفي الإطار أيضا ينبغي ألا ندفع أطفالنا إلى الاهتمام بلفت نظر الآخرين إليهم وإنما ينبغي أن نشاركهم فيما يمكنهم أداءه من دون إشعارهم بمراقبتنا لهم. وفي الوقت ذاته لا نسخر من أي عمل ممسرح ولنترك فرصا للإعادة والتكرار من الطفل نفسه لكي يتعرف إلى أخطائه وطبعا لا ينبغي أن نلمّ ألعاب الطفل ونرتبها بما يفرض مصادرة للطفل في طريقة ترتيبه الأشياء ولكن يمكن مساعدته تدريجا في قضية الترتيب وتفعيل عامل التنظيم في ضوء جذب الطفل إلى الهدف المؤمل وبلا ألم أو قسر أي بالتشجيع على النظافة والصائب المنظم بطرق متنوعة جذابة...
ومن أجل مزيد من الاقتراب من فكرة دراما الطفل ومسرحة حياته يمكننا أن نفعل ذلك في ضوء المراحل العمرية لأن لكل مرحلة عمرية آلية اشتغال وإمكانات إدراكية وانفعالية محددة. كما أن سلوك اللعب يختلف أسلوبا وتعقيدا ونظاما ونوعية بحسب تلك المراحل ودرجة النمو العقلي والبدني لدى الطفل.
[[مثال:ص14 بياجيه وعائين متساويين وفيهما لحد النصف كمية من الخرز وباختلاف طول الوعائين سيجد طفل الرابعة من العمر أن الوعاء الأطول يحتوي على كمية أكثر فيما طفل السابعة يعرف أن الكمية ستظل ثابتة على الرغم من اختلاف مظهر الوعاء...]](2) وهذه إشارة لاختلاف القدرات الإدراكية ويمكننا طبعا أن نلاحظ بوضوح الفروق البدنية بين عمرين مختلفين...
علينا أن نقدم للطفل ما يناسب سنّه لأنَّ الدراسات النفسية تقول إنه يتهرب من الأعمال التي تعلو على مستواه فيما يثابر على أداء ما يشعر بنجاحه في تحقيقه... والفكرة هنا أننا نحقق علاقة إيجابية بين الطفل ومحيطه ومن ثم تخلق طفلا إيجابيا التفاعل مع الآخر.. تقوزل ونفيرد وورد " فما يقبله الأطفال في سن الخامسة يبدو تافها بالنسبة للأطفال في سن الحادية عشرة وما يهز مشاعر هؤلاء يثير فزع الأطفال في الخامسة"[وينفريد وارد مسرح الأطفال ترجمة محمد شاهين مطبعة المعرفة 1966ص145]](3)
ويمكننا أن نتلمس مراحل النمو الرئيسة وتوصيفاتها ومسمياتها متمثلة في:
1. مرحلة الواقعية والخيال المحدود (3-5سنة)
الأطفال هنا ليسوا بحاجة لمسرحة تفاصيلهم وعالمهم ما زال محدودا بالبيت وبالمقربين منهم ولعبهم وسيلة لتنمية قدراتهم الحركية والإدراكية. ومع ذلك يمكن أن نقدم لهم مسرحية تركز على الحركة وعالم الحيوان والعرائس وتستخدم أفلام كارتون أكثر وتعتمد المحسوسات بتشويق تام وإبهار الضوء واللون والشكل... ومن الطبيعي أن ندرك خلو الطفل من الإمكانات اللغوية وقدرات الإدراك لغير المحسوس..
2. مرحلة الخيال المنطلق (6-
3. مرحلة البطولة (9-12)
4. مرحلة المثالية (13-16)
وفي ضوء ذلك سيكون علينا أولا أن نبدأ فكرة مسرح الطفل لمرحلة الخيال المنطلق أو الحر من عمر الخامسة على أن تمتد المرحلة إلى السابعة أو كما عند بعضهم إلى الثامنة. وهذه المرحلة لا يمكننا فيها أن نفرض نصا مسرحيا أو منصة مسرحية ولكننا نستثير في الطفل قدراته في الارتجال سواء في خلق المواقف وتشكيلها أم في إبداع اللغة أم في أداء الحركات.. وكل ما ينبغي تذكره هنا هو أن نكون مشجعين لا موجهين واصدقاء مشاركين الانفعال لا آمرين مقوِّمين فضلا عن شيء من الإثارة وعوامل الجذب والشد والسيطرة على انتباه الأطفال بطريقة مناسبة غير مباشرة أو بما نسميه فن التغذية وهي طريقة تفتح العلاقة باتجاهين بين المربي والطفل ولا تقف في حدود اتجاه واحد...
وتطبيقيا نستثمر طرائق تمييز الطفل للصوت فنُعنى بالإيقاع الزمني وبالنغم والذروة ةيمكن لهذا الغرض استخدام الطبول والصفارات وعلب الصفيح والعصي وفي سنوات متقدمة من هذه المرحلة يمكن استخدام آلات موسيقية كالبيانو. وسيفيدنا هذا في التعاطي أو التفاعل مع الميول الصوتية للطفل ولأداءاته فنطوِّر من إمكاناته ومهاراته فيها.
يمكننا أيضا وضع ملخص لتوصيف مسرح يناسب هذه المرحلة العمرية بالآتي:
1. الخيالية في الحكايات.
2. استخدام العرائس أو المسرح البشري أو كليهما..
3. استقاء المادة من البيئة المحيطة بالطفل..
4. توظيف جزئية من القيم التربوية الاجتماعية بشكل غير مباشر..
5. تحتوي على نوع من المغامرات..
6. وضوح الأسلوب والفكرة وبساطتهما... [[عن بحث آراء وخبرات العاملين بمسرح الأطفال في مصر للمنركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية مركز ثقافة الطفل 1979 ص84]](4)
[[مثال: أطلق لمجموعة من الأطفال صفارة وأسأل ماذا سمعنا؟ وأستثمر إجابة (قطار) لأطلب منهم أن ينطلقوا بالقطار وأبدأ بزيادة أو خفض سرعة الصافرة بطريقة تمرّن الأطفال على التعاطي مع الإيقاع الزمني ومع الذروة وما إليها... كما إنني سألاحظ معهم التنظيم المكاني والحركة الدائرية أو اللولبية من دون أن يتطلب تنبيههم إلى أخطاء في التدافع بطريقة معيقة أو محبطة.... وبمتابعة الخطة التمثيلية الممسرحة أستثمر لحظة التعب لإعلان الوصول للمحطة وأسأل إلىأين نذهب في إيحاء للبيت وللاستراحة والنوم وهكذا. وبشأن ميدان العمل إذا لم يكن متاحا أنْ تجد مساحة مناسبة فيمكن تخيل الأشياء وقطع الأثاث مرتفعات أو كما الوديان وغير ذلك...]](5)