يرد البعض بدايات المسرح إلى المصريين القدماء، إلى حوالى 3200ق.م، أى قبل المسرح الإغريقى بوقت طويل، وإن كان آخرون يرون أن هذا الشكل من الدراما التى كانت تقدم فى هيئة طقوس بالمعابد تميزت بسذاجة وبساطة لا تؤهلها لأن تندرج ضمن فنون الدراما المسرحية. المؤلف يرى أن أقدم ما عرفه الغربيون هو المسرحيات اليونانية وكانت موادها الأساطير اليونانية القديمة، كما نجدها فى الإلياذة والأوديسة اللتين كانتا المصدر الأول لمعظم الآداب المسرحية فى مراحل لاحقة، وإن كان بعض الباحثين لاحظ تشابهًا كبيرًا بين الأوديسة وإحدى قصص الأدب المصرى القديم بما يعنى أن "هوميروس" تأثر بالأدب الفرعونى. ومثل الفراعنة، فإن العروض المسرحية اليونانية ظلت حبيسة بين جدران المعابد وكان هدفها التقرب للآلهة بعرض الأساطير الدينية، ولم توجد صور واضحة للتطور الدرامى إلا مع الخطوات الجسورة التى بدأها إيسخيلوس وسوفوكليس ويوربيدس الذين عنوا بالتراجيديا حتى جاء "أريستوفانس" حوالى عام 445 ق.م، وبدأ كوميدياته الساخرة التى وصلت إلى نحو 44 مســرحية عــالج فيها شتى الموضوعات بالملهاة، وقد قلده كثيرون ممن جاءوا بعده فى المسرح الرومانى. ويشير المؤلف بعد ذلك إلى المسرح الغربى فى العصر الوسيط وتأثره بانتشار المسيحية التى حرَّم معتنقوها فى البداية فن المسرح واعتبروه من التقاليد الوثنية وأنه يفسد الشباب ويؤدى إلى انحلال أخلاقهم مما أدى إلى تدهور فن المسرح، لكن المسرح شهد تطورًا سريعًا اضطلع به القساوسة الذين بدأوا يقربون المعتقدات المسيحية للناس عبر دراما دينية سرعان ما تضافرت معها مشاهد لا دينية ليصبح المسرح نصف دينى ولينتشر فى أوروبا جميعًا، ولم يعد الممثلون من رجال الدين وخدام الكنيسة، بل صاروا ممثلين محترفين، واستمرت المسرحية الأخلاقية حتى القرن السابع عشر حين بدأ الناس يملون النصائح والمواعظ ويطلبون معالجات لمشكلات حياتهم، وتطور المسرح تدريجيا فى هذا الاتجاه حتى ظهر شكسبير فى النصف الثانى من القرن السادس عشر ليشهد المسرح نهضته العظيمة على يديه ويستمر تطوره بظهور هنريك إبسن وإليوت وتشيكوف وسينج وبيرانديللو وبرنارد شو وغيرهم. وبعد استعراضه للمسرح وتطوره فى العالم، يقدم لنا المؤلف دراسة نقدية وتاريخية للمسرح المصرى ورواده واتجاهاته، عارضًا لإنجازات مارون نقاش ويعقوب صنوع وسليم نقاش ويوسف خياط وسليمان قرداحى وعثمان جلال وأبو خليل القبانى وإسكندر فرح وسلامة حجازى وچورچ أبيض وفرح أنطون ومحمد تيمور وغيرهم، ويعرض لنماذج من الأعمال التى قدمها هؤلاء واضعًا إياها تحت منظار النقد سواء فى التيار الدرامى أو الشخصيات أو لغة الحوار أو فنون الحركة والأداء، حتى وصلنا إلى الطور الثانى من تطور المسرح المصرى والذى تبرز فيه أسماء مثل توفيق الحكيم ويوسف وهبى وعلى أحمد باكثير وترجمات طه حسين وخليل مطران والمسرح الشعرى عند أمير الشعراء أحمد شوقى ثم مسرح محمود تيمور وعزيز أباظة ثم مرحلة تالية شهدت أعمال عبدالرحمن الشرقاوى وصلاح عبد الصبور وسعد الدين وهبة، وإن كان فات المؤلف فى دراسته القيمة أن يعرج على أعمال محمود دياب وميخائيل رومان ويوسف إدريس وعلى سالم، وهم أيضًا من العلامات المهمة فى مسيرة المسرح المصرى المعاصر.